The best Side of الفضاء الافتراضي



تجاوزا للمآزق السابقة التي فرضها تغير الفضاء العمومي وامتداداته المتجلية في فكرة المواطنة والديمقراطية والحق والعدالة، وأيضا باقي المقولات المركزية للفكر السياسي المعاصر، كان من البديهي أن تنشأ أطروحات فلسفية معبرة عن هذا القلق المتعلق بإمكانية تحول انسدادات الفضاء العمومي في حال فشله في تدبير مزيجه الواقعي والافتراضي، إلى أزمة تشمل الديمقراطية وباقي مرتكزات القول السياسي المعاصر. وهي أطروحات تعتمد بالأساس على تصحيح منعرجات هذه الأزمة المحتملة من خلال التنبيه لأشكال الإقصاء والتمييز التي قد تنشأ عن تشييد فضاء عمومي لا يحترم شروط التواصل والتفاعل الإيجابي والتثاقف والتقابس وصناعة رأي عام حر ومسؤول، ولا يؤسس بالتالي لمواطنة تفاعلية ومنفتحة ومنسجمة ومتصالحة مع ذاتها ومحيطها. وهذا الذي استدعى من قبل تايلور وغيره أيضا أمثال "ميد" و"فرايزر" و"أكسيل هونيت" وغيرهم، الرهان على تجنب الاحتقار وتثمين مبادئ الاعتراف والحق في الاختلاف، من أجل بناء فضاء عمومي يسمح بتدبير اختلالات المواطنة، حتى لا تصير خاضعة لتقسيم استعماري يقول بوجود مواطنة من درجة أولى وأخرى من درجة ثانية.

نتج عن النمط السلطوي المتبع في العديد من النظم السياسية العربية العديد من المظاهر السلبية مثل انسداد الأفق السياسي، وتعثر المسار الديمقراطي وازدياد الشعور بالإحباط واليأس وفقدان الثقة، مما دفع بكل المهتمين والمتتبعين للشأن العام إلى المشاركة في الحياة العامة من خلال قنوات بديلة، وفي مقدمتها الحركات الدينية والرقية، والجهوية التي تحولت إلى أهم فاعل سياسي في مواجهة ذلك.

المطالبة بتحقيق المصلحة والمنفعة العامة بتوجيه جميع مؤسسات الفضاء العمومي العام إلى خدمة جميع الفئات الاجتماعية بدون استثناء، كونها فئات اجتماعية مشاركة في بناء الهيكل التنظيمي العام للمجتمع، وبهذا الخصوص يرى هابرماس أن الفضاء العمومي البرجوازي عبارة عن مجموعة من الأفراد الذين يجتمعون من أجل مناقشة مواضيع وأمور ذات الطابع العام أو المشترك.

هل يصوت المهاجرون غير الشرعيين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية ؟

عموما يرى الباحثون أن الصحافة والإذاعة والتلفزيون والانترنيت تعد منابر لتبادل الأفكار والآراء بين أفراد المجتمع وتمثل القنوات الإستراتيجية للفضاء العام، وقد تبنى هابرماس وفق مقاربته النقدية لوسائل الاتصال الجماهير نظرة تشاؤمية بخصوص علاقة الفضاء العمومي بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، حيث يرى أن مصير الفضاء العمومي هو التآكل وبالتالي تلاشي الموضوع الأساس ألا وهو الديمقراطية، مادامت الفضاءات العمومية في ضل آليات الإعلام الحديثة تحولت إلى مجرد مجال للتأثير السياسي وللتسويق وللبحث والهيمنة، فانتقل الاتصال من وسيلة للتفاهم والنقاش لبلوغ الحقيقة إلى اتصال قائم على مبدأ الهيمنة.

في المقابل، تبرز الأطروحة الثانية ظهور دوامة الصمت في سياق الفضاء الافتراضي، بفعل عوامل سياسية واجتماعية ونفسية وسلوكية، تقيد حرية الفرد في التعبير عن رأيه، حيث يتم تفعيل الرقابة الذاتية وتقييم مناخ الرأي العام عبر الشبكة خوفًا من العزلة الاجتماعية.

وهكذا يكون الاستبداد مجاورا حتى للأنظمة الديمقراطية التي تقول عن نفسها إنها حرة وعادلة، ولا يفصل بينهما سوى شعرة تتحدد بنوعية الفضاء العمومي؛ ذلك أن خلق فضاء واقعي أو افتراضي موسوم بصفة التدخل والاحتكار الأيديولوجي من شأنه أن يؤسس لمواطنة مهزوزة، تماشيا مع حالة فقدان الثقة التي تنشأ عن تصدع العلاقة بين الوطن والمواطن في هذه الحالة حتى لو تعلق الأمر بالأنظمة الديمقراطية؛ أي إن التحول الذي طال الفضاء العام في الحالة التي يفقد فيها جاذبيته ونزاهته هو أمر يقتضي إعادة النظر في أسئلة المواطنة والديمقراطية والحق والقانون، وهو الذي يفسر التوجه صوب الإصرار على مطالب جديدة للملمة صدوع وتشققات هذه المقولات ضمن متن تايلور أو غيره أيضا، من خلال الرهان على الاعتراف والحق في الاختلاف نور الإمارات لتجاوز مأزق خسارة الفضاء العمومي لجاذبيته ومصداقيته، أو بالأحرى لمواطنته المنفتحة على التجاوب والتواصل والتثاقف، حتى لا تتحول الديمقراطية نفسها إلى استبداد.

وقد خلصت الدراسة إلى أن الديمقراطية التي تمثل أبرز أوجه تجليات الفضاء العمومي عرفت في ظل تكنولوجيا الاتصال الحديثة تطورا بارزا ساهم في ميلاد الديمقراطية الالكترونية، غير أن هذا الطرح يختلف في واقع الفضاء العمومي العربي الذي لازال يعرف صراعا وتضييقا ورقابة وتوجيها من قبل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الأنظمة الحاكمة رغم نجاحه في حالات معدودة في طرح قضيا أمام الرأي العام ليضغط بها على توجهات الحكومات وقراراتها.

ويعتقد الإمارات كوليمان وبلوملر أن عدم نجاح الفضاءات العمومية الافتراضية يرجع للقصور في النموذج الهابرماسي الذي يتعارض مع الثقافة السياسية والاجتماعية المعاصرة في العديد من المجتمعات ولا يعود إلى التقنيات في حد ذاتها.

النّدوة العلميّة الدّوليّة "الدّين والدّولة في المجال الإسلامي الرّاهن: مقاربات ومطارحات"

هناك اجماع بين الباحثين مثل باربر وبيتمان وفيربا وشلازمان وبرادي حول أن المشاركة المدنية والسياسية هي أحد الأركان الأساسية لعمل الديمقراطية بشكل جيد، وفي نفس الوقت تؤكد العديد من الدراسات على أن المشاركة المدنية والسياسية بشكلها التقليدي (البرلماني) آخذت بالانخفاض في المجتمعات الديمقراطية، بينما يؤكد آخرون على تغير طبيعة المشاركة المدنية والسياسية في حد ذاتها وبرزت أشكالا جديدة من المشاركة مثل تسييس الحياة المعيشة، الاستهلاك السياسي، والنضال عبر الإنترنت وغيرها من الأشكال الأخرى.

يهدد الخوف من العزلة الاجتماعية الأفراد، مما يجعلهم يتحفظون عن إبداء آرائهم ولا يعلنون عنها، لا سيما إذا أدركوا أن هذه الآراء لا تحظى بتأييد الآخرين، وعلى العكس من ذلك، فإن أولئك الذين يشعرون أن آراءهم ستلقى استحسانًا، يرغبون في التعبير عنها من دون خوف.

وعليه فإن الفضاء العمومي يتشكل من خلال البرلمان، الأحزاب، الجمعيات، النقابات، الهيئات العالمية، الاتحادات المختلفة، المظاهرات، الاحتجاجات، وسائل الإعلام الجماهيرية، المؤسسات الحكومية كالوزارات، المؤسسات الدينية كالمسجد والكنيسة، المؤسسات الاجتماعية العمومية، الساحات العامة، الأسواق، المقاهي، الحمامات وغيرها.

النّدوة العلميّة الدّوليّة " الأنوار الغربية ومصادرها الخارجية"

في حين يقوم الفعل التواصلي على الاتفاق والتفاهم المؤسس بشكل عقلاني داخل فضاء عمومي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *